كتاب: في ظلال القرآن (نسخة منقحة)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: في ظلال القرآن (نسخة منقحة)



بل هو لم يكن قط تفوقاً عسكرياً واقتصادياً- مادياً- فقد كان أعداء المعسكر الإسلامي دائماً أكثر عدداً، وأقوى عدة، وأغنى مالاً، وأوفر مقدرات مادية على العموم! سواء في داخل الجزيرة العربية، أو في خارجها في زمن الفتوحات الكبرى بعد ذلك.
ولكن التفوق الحقيقي كان في ذلك البناء الروحي والخلقي والاجتماعي- ومن ثم السياسي والقيادي- الذي أسسه الإسلام بمنهجه الرباني المتفرد.
وبهذا التفوق الساحق على الجاهلية في بنائها الروحي والخلقي والاجتماعي- ومن ثم السياسي والقيادي- اجتاح الإسلام الجاهلية.. اجتاحها أولاً في الجزيرة العربية. واجتاحها ثانياً في الإمبراطوريتين العظيمتين الممتدتين حوله: إمبراطوريتي كسرى وقيصر.. ثم بعد ذلك في جوانب الأرض الأخرى. سواء كان معه جيش وسيف، أم كان معه مصحف وأذان!
ولولا هذا التفوق الساحق ما وقعت تلك الخارقة التي لم يعرف لها التاريخ نظيراً. حتى في الاكتساحات العسكرية التاريخية الشهيرة. كزحف التتار في التاريخ القديم. وزحف الجيوش الهتلرية في التاريخ الحديث.. ذلك أنه لم يكن اكتساحاً عسكرياً فحسب. ولكنه كان اكتساحاً عقيدياً. ثقافياً. حضارياً كذلك! يتجلى فيه التفوق الساحق الذي يطوي- من غير إكراه- عقائد الشعوب ولغاتها، وتقاليدها وعاداتها.. الأمر الذي لا نظير له على الإطلاق في أي اكتساح عسكري آخر، قديماً أو حديثاً!
لقد كان تفوقاً إنسانياً كاملاً. تفوقاً في كل خصائص الإنسانية ومقوماتها. كان ميلاداً آخر للإنسان. ميلاد إنسان جديد غير الذي تعرفه الأرض على وجه اليقين والتأكيد. ومن ثم صبغ البلاد التي غمرها هذا المد بصبغته؛ وترك عليها طابعه الخاص؛ وطغى هذا المد على رواسب الحضارات التي عاشت عشرات القرون من قبل في بعض البلاد. كالحضارة الفرعونية في مصر. وحضارة البابليين والأشوريين في العراق، وحضارة الفينيقيين والسريان في الشام. لأنه كان أعمق جذوراً في الفطرة البشرية؛ وأوسع مجالاً في النفس الإنسانية، وأضخم قواعد وأشمل اتجاهات في حياة بني الإنسان، من كل تلك الحضارات.
وغلبة اللغة الإسلامية واستقرارها في هذه البلاد، ظاهرة عجيبة، لم تستوف ما تستحقه من البحث والدراسة والتأمل، وهي في نظري أعجب من غلبة العقيدة واستقرارها. إذ أن اللغة من العمق في الكينونة البشرية ومن التشابك مع الحياة الاجتماعية. بحيث يعد تغييرها على هذا النحو معجزة كاملة! وليس الأمر في هذا هو أمر اللغة العربية. فاللغة العربية كانت قائمة؛ ولكنها لم تصنع هذه المعجزة في أي مكان على ظهر الأرض- قبل الاسلام- ومن ثم سميتها اللغة الإسلامية فالقوة الجديدة التي تولدت في اللغة العربية، وأظهرت هذه المعجزة على يديها، كانت هي الإسلام قطعاً!
وكذلك اتجهت العبقريات الكامنة في البلاد المفتوحة (المفتوحة للحرية والنور والطلاقة) اتجهت إلى التعبير عن ذاتها- لا بلغاتها الأصلية- لكن باللغة الجديدة. لغة هذا الدين. اللغة الإسلامية. وأنتجت بهذه اللغة في كل حقل من حقول الثقافة نتاجاً تبدو فيه الأصالة؛ ولا يلوح عليه الاحتباس من معاناة التعبير في لغة غريبة- غير اللغة الأم- لقد أصبحت اللغة الإسلامية هي اللغة الأم فعلاً لهذه العبقريات.
ذلك أن الرصيد الذي حملته هذه اللغة كان من الضخامة أولاً؛ ومن ملاصقة الفطرة ثانياً؛ بحيث كان أقرب إلى النفوس وأعمق فيها من ثقافاتها القديمة. ومن لغاتها القديمة أيضاً!
لقد كان هذا الرصيد هو رصيد العقيدة والتصور؛ ورصيد البناء الروحي والعقلي والخلقي والاجتماعي الذي أنشاه المنهج الإسلامي في فترة وجيزة. وكان من الضخامة والعمق واللصوق بالفطرة، بحيث أمد اللغة- لغة الإسلام- بسلطان لا يقاوم. كما أمد الجيوش- جيوش الإسلام- بسلطان لا يقاوم كذلك!
وبغير هذا التفسير يصعب أن نعلل تلك الظاهرة التاريخية الفريدة.
وعلى أية حال فهذا موضوع يطول شرحه. فحسبنا منه هذه اللمحة في سياق الظلال..
منذ هذا الدرس في هذه السورة تبدأ المعركة مع المعسكرات المعادية المتربصة بالجماعة الإسلامية الناشئة في المدينة.. ففي هذا الدرس تعجيب من حال اليهود وتصرفاتهم في مواجهة الدين الجديد والجماعة التي تمثله.. وفي الدرس الذي يليه بيان لوظيفة الجماعة المسلمة، وطبيعة منهجها، وحد الإسلام، وشرط الإيمان، الذي يتميز به منهجها وحياتها ونظامها.. وفي الدرس الذي يليه دعوة لهذه الجماعة للذود عن منهجها ووضعها ووجودها؛ وكشف للمنافقين المندسين فيها؛ وبيان لطبيعة الموت والحياة وقدر الله الذي يجري بهما؛ وهو جزء من تربية هذه الجماعة، وإعدادها لوظيفتها وللمعركة مع أعدائها.. وفي الدرس الذي يليه مزيد من الحديث عن المنافقين؛ وتحذير للجماعة المسلمة من الانقسام في شأنهم، أو الدفاع عن تصرفاتهم. ثم تفصيل للإجراءات التي تواجه بها الجماعة المسلمة شتى المعسكرات من حولها- أي لقواعد قانون المعاملات الدولية- وفي الدرس الذي يليه نجد نموذجاً لرفعة الإسلام في معاملته ليهودي فرد في المجتمع الإسلامي!.. والدرس الذي يليه جولة مع الشرك والمشركين، وتوهين للأسس التي يقوم عليها المجتمع المشرك في الجزيرة.. ويتوسط هذه المعركة لمحة من التنظيم الداخلي، ترتبط بأوائل السورة في شأن الأسرة.. ثم يجيء الدرس الأخير- في هذا الجزء- خاصاً بالنفاق والمنافقين؛ يهبط بهم إلى الدرك الأسفل من النار!
وهذه الإشارات الخاطفة تبين لنا طبيعة مجالات المعركة وجوانبها المتعددة- في الداخل والخارج.. وطبيعة التوافق والتكامل، بين المعركة الداخلية والمعركة الخارجية في حياة المجتمع الإسلامي الأول.. وهي هي بذاتها معركة الأمة المسلمة اليوم وغداً في أساسها وحقيقتها.
{ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يشترون الضلالة ويريدون أن تضلوا السبيل والله أعلم بأعدائكم وكفى بالله ولياً وكفى بالله نصيراً من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا.
ليّاً بألسنتهم وطعناً في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيراً لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلاً}..
إنه التعجيب الأول- من سلسلة التعجيبات الكثيرة- من موقف أهل الكتاب- من اليهود- يوجه الخطاب فيه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أو إلى كل من يرى هذا الموقف العجيب المستنكر:
{ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يشترون الضلالة ويريدون أن تضلوا السبيل}..
لقد كان من شأن أن يؤتوا نصيباً من الكتاب.. الهداية.. فقد آتاهم الله التوراة، على يدي موسى عليه السلام، لتكون هداية لهم من ضلالتهم الأولى.. ولكنهم يدعون هذا النصيب. يدعون الهداية. ويشترون الضلالة! والتعبير بالشراء يعني القصد والنية في المبادلة! ففي أيديهم الهدى ولكنهم يتركونه ويأخذون الضلالة. فكأنما هي صفقة عن علم وعن قصد وعمد. لا عن جهل أو خطأ أو سهو! وهو أمر عجيب مستنكر، يستحق التعجيب منه والاستنكار.
ولكنهم لا يقفون عند هذا الأمر العجيب المستنكر. بل هم يريدون أن يضلوا المهتدين. يريدون أن يضلوا المسلمين.. بشتى الوسائل وشتى الطرق. التي سبق ذكرها في سورتي البقرة وآل عمران؛ والتي سيجيء طرف منها في هذه السورة كذلك.. فهم لا يكتفون بضلال أنفسهم الذي يشترونه؛ بل يحاولون طمس معالم الهدى من حولهم؛ حتى لا يكون هناك هدى ولا مهتدون!
وفي هذه اللمسة: الأولى، والثانية، تنبيه للمسلمين وتحذير؛ من ألاعيب اليهود وتدبيرهم.. ويا له من تدبير! وإثارة كذلك لنفوس المسلمين ضد الذين يريدون لهم الضلالة بعد الهدى. وقد كان المسلمون يعتزون بهذا الهدى؛ ويعادون من يحاول ردهم عنه إلى جاهليتهم التي عرفوها وعرفوا الإسلام. فكرهوها وأحبوا الإسلام! وكرهوا كل من يحاول ردهم إليها في قليل أو كثير.. وكان القرآن يخاطبهم هكذا، عن علم من الله، بما في صدورهم من هذا الأمر الكبير.
ومن ثم يعقب على إبراز هذه المحاولة من اليهود، بالتصريح بأن هؤلاء أعداء للمسلمين. وبتطمين الجماعة المسلمة إلى ولاية الله ونصره، إزاء تلك المحاولة:
{والله أعلم بأعدائكم وكفى بالله ولياًَ وكفى بالله نصيراً}..
وهكذا يصرح العداء ويستعلن، بين الجماعة المسلمة واليهود في المدينة.. وتتحدد الخطوط..
وقد كان التعجيب من أهل الكتاب عامة- وكان المفهوم أن المعنيين هم يهود المدينة- ولكن السياق لا يكتفي بهذا المفهوم. بل يمضي فيعين اليهود. ثم يصف حالهم وتصرفاتهم وسوء أدبهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الفترة التي يبدو أنها كانت في أوائل سنوات الهجرة، قبل أن تخضد شوكتهم في المدينة:
{من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا لياً بألسنتهم وطعناً في الدين.}..
لقد بلغ من التوائهم، وسوء أدبهم مع الله عز وجل: أن يحرفوا الكلام عن المقصود به.
والأرجح أن ذلك يعني تأويلهم لعبارات التوراة بغير المقصود منها. وذلك كي ينفوا ما فيها من دلائل على الرسالة الأخيرة؛ ومن أحكام كذلك وتشريعات يصدقها الكتاب الأخير؛ وتدل وحدتها في الكتابين على المصدر الواحد؛ وتبعاً لهذا على صحة رسالة النبي- صلى الله عليه وسلم. وتحريف الكلم عن المقصود به، ليوافق الأهواء ظاهرة ملحوظة في كل رجال دين ينحرفون عن دينهم، ويتخذونه حرفة وصناعة، يوافقون بها أهواء ذوي السلطان في كل زمان؛ وأهواء الجماهير التي تريد التفلت من الدين.. واليهود أبرع من يصنع ذلك. وإن كان في زماننا هذا من محترفي دين المسلمين من ينافسون- في هذه الخصلة- اليهود!
ثم بلغ من التوائهم وسوء أدبهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقولوا له: سمعنا يا محمد ما تقول. ولكننا عصينا! فلا نؤمن ولا نتبع ولا نطيع!- مما يدل على أن هذه الآيات نزلت في وقت مبكر، حيث كانت لليهود هذه الجرأة على مواجهة النبي صلى الله عليه وسلم ثم يضيفون إلى التبجح سوء الأدب والخلق والالتواء أيضاً. إذ يقولون للرسول صلى الله عليه وسلم:
{واسمع غير مسمع وراعنا}..
ففي ظاهر اللفظ أنهم يقولون: اسمع- غير مأمور بالسمع وهي (صيغة تأدب)- وراعنا: أى: انظر إلينا نظرة رعاية لحالنا أو نظرة اهتمام لوضعنا. بما أنهم أهل كتاب، فلا ينبغي أن يدعوا إلى إلاسلام كالمشركين!
أما في الليّ الذي يلوونه، فهم يقصدون: اسمع- لا سمعت، ولا كنت سامعاً!- (أخزاهم الله). وراعنا يميلونها إلى وصف الرعونة!
وهكذا.. تبجح وسوء أدب، والتواء ومداهنة، وتحريف للكلم عن مواضعه وعن معانيه..
إنها يهود!!!
وبعد أن يحكي القرآن هذا عنهم؛ يقرر المنهج اللائق بأهل الكتاب؛ والأدب الجدير بمن أوتوا نصيباً منه. ويطمعهم- بعد ذلك كله- في الهداية والجزاء الحسن والفضل والخير من الله. لو ثابوا إلى الطريق القويم. وذلك مع بيان حقيقة طبيعتهم. وأنها هكذا كانت وهكذا تكون:
{ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيراً لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلاقليلاً}..
فهم لا يواجهون الحق بهذه الصراحة وهذه النصاعة وهذه الاستقامة. ولو أنهم واجهوه هكذا بالألفاظ الصريحة التي لا التواء فيها:
{سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا}.
لكان هذا خيراً لهم، وأقوم لطبيعتهم وأنفسهم وحالهم. ولكن واقع الأمر أنهم- بسبب كفرهم- مطرودون من هداية. الله فلا يؤمن منهم إلا القليل.
وصدق قول الله.. فلم يدخل في الإسلام- في تاريخه الطويل- إلا القليل من اليهود.
ممن قسم الله لهم الخير، وأراد لهم الهدى؛ باجتهادهم للخير وسعيهم للهدى. أما كتلة اليهود، فقد ظلت طوال أربعة عشر قرناً، حرباً على الإسلام والمسلمين. منذ أن جاورهم الإسلام في المدينة إلى اللحظة الحاضرة. وكيدهم للإسلام كان هو الكيد الواصب الذي لا ينقطع، العنيد الذي لا يكف، المنوع الأشكال والألوان والفنون، منذ ذلك الحين! وما من كيد كاده أحد للإسلام في تاريخه كله- بما في ذلك كيد الصليبية العالمية والاستعمار بشتى أشكاله- إلا كان من ورائه اليهود. أو كان لليهود فيه نصيب!
بعد ذلك يتجه الخطاب إلى الذين أوتوا الكتاب- اليهود- دعوة إلى الكتاب المصدق لما بين أيديهم؛ وتهديداً لهم بالمسخ واللعن المتوقعين من وراء عنادهم وأفاعيلهم. ودمغاً لهم بالشرك والانحراف عن التوحيد الخالص، الذي عليه دينهم، والله لا يغفر أن يشرك به.. وفي الوقت ذاته بيان عام لحدود المغفرة الواسعة؛ وبشاعة الشرك حتى إنه ليخرج من هذه الحدود:
{يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقاً لما معكم من قبل أن نطمس وجوهاً فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولاً إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثماً عظيماً}..
إنه نداء لهم بالصفة التي كان من شأنها أن يكونوا أول المستجيبين؛ وبالسبب الذي كان من شأنه أن يكونوا أول المسلمين:
{يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقاً لما معكم}..
فهم أوتوا الكتاب، فليس غريباً عليهم هذا الهدى. والله الذي آتاهم الكتاب هو الذي يدعوهم إلى الإيمان بما أنزل مصدقاً لما معهم. فليس غريباً عليهم كذلك. وهو مصدق لما معهم..
ولو كان الإيمان بالبينة. أو بالأسباب الظاهرة. لآمنت يهود أول من آمن. ولكن يهود كانت لها مصالح ومطامح. وكانت لها أحقاد وعناد. وكانت هي بطبعها منحرفة صلبة الرقبة.. كما تعبر عنهم التوراة بأنهم: شعب صلب الرقبة!. ومن ثم لم تؤمن. ومن ثم يجيئها التهديد العنيف القاسي:
{من قبل أن نطمس وجوهاً فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولاً}..
وطمس الوجوه إزالة معالمها المميزة لآدميتها؛ وردها على أدبارها، دفعها لأن تمشي القهقرى.. وقد يكون المقصود هو التهديد بمعناه المادي؛ الذي يفقدهم آدميتهم ويردهم يمشون على أدبارهم؛ ويكون كذلك اللعن الذي أصاب أصحاب السبت (وهم الذين احتالوا على صيد السمك يوم السبت، وهو محرم عليهم في شريعتهم) هو مسخهم بالفعل قردة وخنازير.. كما قد يكون المقصود طمس معالم الهدى والبصيرة في نفوسهم، وردهم إلى كفرهم وجاهليتهم، قبل أن يؤتيهم الله الكتاب. والكفر بعد الإيمان، والهدى بعد الضلال، طمس للوجوه والبصائر، وارتداد على الأدبار دونه كل ارتداد.
وسواء كان هذا هو المقصود أو ذاك.. فهو التهديد الرعيب العنيف؛ الذي يليق بطبيعة يهود الجاسية الغليظة؛ كما يليق بفعالهم اللئيمة الخبيثة!
وقد كان ممن ارتدع بهذا التهديد: كعب الأحبار فأسلم.